الحمد له رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين وآله وأصحابه الغر الميامين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
ثم بعد
فهذا بحث متواضع تحت عنوان:الأخوة ومقوماتها ولوازمها،بطلب من أخينا خادم عمار.نسأل الله المنان الرشد والتوفيق فيما نقصد فهو ولي ذلك والقادر عليه وهو نعم المولى ونعم النصير.
وبفضل الله تعالى يدور موضوعنا حول النقاط التالية:1_مفهوم الأخوة في الإسلام. 2_مقومات الأخوة.3_واجب الفرد نحو الأخوة.4_الختام.
1_مفهوم الأخوة في الإسلام:يقول تعالى في الكتاب العزيز:{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}أي ليحصل التعارف،كل يرجع إلى قبيلته.الأخوة صلة جعلها الله تعالى بين البشر ليحصل بها التناصر والتعاون والتآلف،ويقوى بها العضد والأزر،فلولاها لكنا كالبهائم التي بعضها يعدو على البعض .....فإن الله جعل الأخوة نعمة من نعمه الجليلة،ثم استرعى عباده إياها،وأنزلها منزلة سامية في شريعتنا الإسلامية.فقال جل من قائل:{ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا}وجاء في الترمذي: عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ("تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم؛ فإن صلة الرحم محبة في الأهل، مثراة في المال، منسأة في الأثر)،وبالجملة فمفهوم الأخوة باختصار شديد هو أخوة الدين وأخوة في النسب،وإّذا اجتمعتا كانتا أولى بالرعاية والتعهد،في ذلك يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: "الصدقة على المساكين صدقة، وعلى ذوي الرحم ثنتان: صدقة وصلة"[1].
2_مقومات الأخوة:إن الله سبحانه وتعالى لما جعل الأخوة بين عباده جعل لها مقومات،ونذكر منها على أشد الإيجاز:1ـ مد يد العون إلى ذوي القربى،فالمساعدة لها أثرها الفعال في توطيد عرى الأخوة وترسيخ جذورها،فكم نرى في القرآن الحكيم جملة من الآيات تدعو إلى هذه الخصلة الحميدة الأكيدة بل اللازمة،ومنها قوله تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (36)[2].قال ابن كثير: <ثم عطف على الإحسان إلى الوالدين الإحسان إلى القرابات من الرجال والنساء>.وفي المسند عن أبي ذر:أمرني خليلي بسبع،وذكر منها:"وأمرني أن أصل الرحم وإن أدبرت"[3].وقد اشتد الوعيد في من يتهاون ويقطع رحمه،جاء في الحديث: "ما من ذنب أجدر أن يعجل الله عقوبته في الدنيا، مع ما يَدخر الله لصاحبه في الآخرة، من البغي وقطيعة الرحم"[4].وقال تعالى:{ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90)[5]} وقوله: { وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى } أي: يأمر بصلة الأرحام، كما قال: { وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا } [الإسراء : 26] [6].عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "توضع الرحم يوم القيامة لها حُجْنَة كحجنة المغزل، تتكلم بلسان طُلَق ذُلَق، فتصل من وصلها وتقطع من قطعها"[7].2_الصبر على الهفوات الصادرة عنهم،فإن الصبر على هفوات الصاحب مما يعين على صفاء المودة،فإنه لا تقوى العلاقة بين الإخوة مهما تبادلوا المساعدة والعون إذا لم يتمثل فيهم احتمال الأذى والصبر.بل ويحس مقابلة السيئة بالحسنة،فتلك خصلة محمودة أرشد إليها الكتاب الحكيم:{ولا تَستوي الحَسَنةُ ولا السَّيِّئةُ ادْفعْ بالَّتي هي أحْسنُ فَإذا الَّذي بينَك وبيْنه عَدَاوَةٌ كأنـَّه وليٌّ حمَيمٌ}[8] 3_الشورى في الملمات في كل يطرأ من القضايا الأسرية،فإن ذلك له أثر بليغ في توحيد صف الإخوة،فإذا كان المولى جل وعلا يرشد نبيه المعصوم إلى هذه الخصلة فغيره أولى،قال عز وجل:{ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ[9]}.5_التزاور بين أفراد الإخوة،فهو مما خص الإسلام عليه.
3_واجب الفرد نحو الأخوة:أما واجب الفرد نحو الأخوة بكل اختصار هو السعي في ما يقوي العلاقة بين الإخوان،فيساعد من دونه،وأن لا يطمع فيما في يد الغير،ومناصحتهم،وأن لا يغشهم أبدا.
4_الختام:وفي الختام أيها الإخوة الكرام نذكركم بأن الأخوة،نعمة أنعم الله بها على عباده،وأوجب عليهم رعايتها،وسيسألهم عنها يوم الحساب.وقد ذم تعالى الذين يقطعون الرحم فقال:{ لَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (27)[10]} قال أبو جعفر: والذي رَغب اللهُ في وَصْله وذمّ على قطعه في هذه الآية: الرحم[11].وقال تعالى:{ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (23)}[12] وقال ابن كثير في تفسيرها:{ وهذا نهي عن الإفساد في الأرض عموما، وعن قطع الأرحام خصوصا، بل قد أمر [الله]تعالى بالإصلاح في الأرض وصلة الأرحام، وهو الإحسان إلى الأقارب في المقال والأفعال وبذل الأموال. وقد وردت الأحاديث الصحاح والحسان بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، من طرق عديدة، ووجوه كثيرة.}.
ومن هنا أيها نتوقف خوف الإطالة المملة،نشكرهم ونعتذركم،ونسأل الله لنا ولكم الخير والتوفيق.والسلام عليكم ورحمة الله...... شَيخ عُبَيد اللهِ فَالْ
[1] _الحديث ذكره ابن كثير في تفسيره ولم يسنده،وقد جاء في مسند الإمام أحمد بهذا اللفظ: "الصَّدَقَةُ عَلَى المِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وعَلَى ذِي الرَّحِم صَدَقَةٌ وصِلَةٌ".
[4]_ رواه أبو داود في السنن برقم (4902) والترمذي في السنن برقم (2511) وابن ماجه في السنن برقم (4211) من حديث أبي بكرة رضي الله عنه، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح".
[5] _النحل.
[6] _تفسير ابن كثير.
[7] _المسند (2/189) قال الهيثمي في المجمع (8/150): "رجال أحمد رجال الصحيح غير أبي ثمامة الثقفي، وثقه ابن حبان".
[10] -البقرة.
ما شاء الله هذا جميل
ردحذف