السبت، 30 أكتوبر 2010

أنواع القراءات في كلمة الأرحام

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ...
ثم بعد
فأيها السائل الحبيب السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،فإني أسأل المولى جل وعز أن يجزيني وإياك الخير على ما سألت،ووفقني وإياك للرشد والصواب.
فبعد رجوعي لأمهات الكتب في البحث عن الإجابة على سؤالك عن أوجه القراءة مع التوجيه لكل قراءة في كلمة{الْأَرْحَامَ}من سورة النساء،وقفت على ما يلي:
إن في كلمة {الْأَرْحَامَ}ثلاث قراءات:1ـ بالنصب 2ـ بالجر 3ـ بالرفع.

1ـ قراءة النصب:وهي قراءة الجمهور،والنصب إما على محل الجار والمجرور،أو على محل المجرور،أو على الإسم الجليل أو على الإغراء.إليك ما قاله شهاب الدين الألوسي صاحب روح المعاني،قال:( بالنصب وهو معطوف إما على محل الجار والمجرور إن كان المحل لهما ، أو على محل المجرور إن كان المحل له ، والكلام على حدّ مررت بزيد ، وعمراً ، وينصره قراءة ( تسألون به وبالأرحام ) وأنهم كانوا يقرنونها في السؤال والمناشدة بالله تعالى ويقولون : أسألك بالله تعالى وبالله سبحانه وبالرحم كما أخرج ذلك غير واحد عن مجاهد ، وهو اختيار الفارسي وعلي بن عيسى؛ وإما معطوف على الاسم الجليل أي اتقوا الله تعالى والأرحام وصلوها ولا تقطعوها فإن قطعها مما يجب أن يتقى ، وهو رواية ابن حميد عن مجاهد والضحاك عن ابن عباس ، وابن المنذر عن عكرمة ، وحكي عن أبي جعفر رضي الله تعالى عنه واختاره الفراء والزجاج.)انتهى كلامه رحمه الله.وقال في فتح القدير: (وأما قراءة النصب ، فمعناها واضح جلي؛ لأنه عطف الرحم على الاسم الشريف ، أي : اتقوا الله واتقوا الأرحام فلا تقطعوها ، فإنها مما أمر الله به أن يوصل وقيل إنه عطف على محل الجار والمجرور في قوله { به } كقولك مررت بزيد وعمرا ، أي : اتقوا الله الذي تساءلون به ، وتتساءلون بالأرحام . والأول أولى ).وقال الزمخشري:( فالنصب على وجهين : إما على : واتقوا الله والأرحام ، أو أن يعطف على محل الجار والمجرور ، كقولك : مررت بزيد وعمراً . وينصره قراءة ابن مسعود : «تسألون به وبالأرحام»).قال الألوسي:( وجوز الواحدي النصب على الإغراء أي والزموا الأرحام وصلوها).

2ـ قراءة الجر:وهي قراءة حمزة،قال الشوكاني في الفتح:( وقرأ النخعي ، وقتادة ، والأعمش ، وحمزة : { والأرحامِ } بالجر).وقد ضعف كثير من النحويين تلك القراءة،قال الألوسي: (وقرأ حمزة بالجر)ثم قال رحمه الله: (وضعف ذلك أكثر النحويين بأن الضمير المجرور كبعض الكلمة لشدة اتصاله بها فكما لا يعطف على جزء الكلمة لا يعطف عليه .).وقال الشوكاني:( وقد اختلف أئمة النحو في توجيه قراءة الجر ، فأما البصريون ، فقالوا : هي لحن لا تجوز القراءة بها . وأما الكوفيون ، فقالوا هي قراءة قبيحة . قال سيبويه في توجيه هذا القبح : إن المضمر المجرور بمنزلة التنوين ، والتنوين لا يعطف عليه . وقال الزجاج ، وجماعة : بقبح عطف الاسم الظاهر على المضمر في الخفض إلا بإعادة الخافض كقوله تعالى { فخسفنا به وبداره الأرض } [ القصص : 81 ] وجوز سيبويه ذلك في ضرورة الشعر ، وأنشد :
فاليوم قربت تهجونا وتشتمنا ... فاذهب فما بك والأيام من عجب
ومثله قول الآخر :
تعلق في مثل السوارى سيوفنا ... وما بينها والكعب وهوى نفانف
بعطف الكعب على الضمير في بينها . وحكى أبو علي الفارسي أن المبرد قال : لو صليت خلف إمام يقرأ : « واتقوا الله الذى تساءلون به والأرحامِ » بالجر ، لأخذت نعلي ، ومضيت ).ثم إن العلماءـ رحمة الله علينا وعليهم ـ ردوا على النحاة في رفضهم هذه القراءة،قال الألوسي:( قال أساطين الدين : إن قراءتهم متواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومع هذا لم يقرأ بذلك وحده بل قرأ به جماعة من غير السبعة كابن مسعود وابن عباس وإبراهيم النخعي والحسن البصري وقتادة ومجاهد وغيرهم كما نقله ابن يعيش فالتشنيع على هذا الإمام في غاية الشناعة ونهاية الجسارة والبشاعة وربما يخشى منه الكفر ، وما ذكر من امتناع العطف على الضمير المجرور هو مذهب البصريين ولسنا متعبدين باتباعهم ، وقد أطال أبو حيان في «البحر» الكلام في الرد عليهم ، وادعى أن ما ذهبوا إليه غير صحيح ، بل الصحيح ما ذهب إليه الكوفيون من الجواز وورد ذلك في لسان العرب نثراً ونظماً ، وإلى ذلك ذهب ابن مالك).وقال الشوكاني:( وقد رد الإمام أبو نصر القشيري ما قاله القادحون في قراء الجر ، فقال : ومثل هذا الكلام مردود عند أئمة الدين ، لأن القراءات التي قرأ بها أئمة القراء ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم تواترا ، ولا يخفى عليك أن دعوى التواتر باطلة ، يعرف ذلك من يعرف الأسانيد التي رووها بها ، ولكن ينبغي أن يحتج للجواز بورود ذلك في أشعار العرب ، كما تقدم ، وكما في قول بعضهم : وحسبك والضحاك سيف مهند ... وقول الآخر :
وقد رام آفاق السماء فلم يجد ... له مصعدا فيها ولا الأرض مقعدا
وقول الآخر :
ما إن بها ولا الأمور من تلف ... ما حم من أمر غيبه وقعا
وقول الآخر :
أمر على الكتيبة لست أدري ... أحتفي كان فيها أم سواها
فسواها في موضع جر عطفا على الضمير في فيها ، ومنه قوله تعالى : { وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين } [ الحجر : 30 ] .)

3ـ بالرفع:قال في فتح القدير:( وقرأ عبد الله بن يزيد ، « والأرحامُ » بالرفع على الابتداء ، والخبر مقدر ، أي : والأرحام صلوها ، أو والأرحام أهل أن توصل ، وقيل : إن الرفع على الإغراء عند من يرفع به ، ومنه قول الشاعر :
إن قوما منهم عمير وأشبا ... ه عمير ومنهم السفاح
لجديرون باللقاء إذا ق ... ل أخ النجدة السلاح السلاح).وقال البيضاوي في أنوار التنزيل:( وقرىء بالرفع على أنه مبتدأ محذوف الخبر تقديره والأرحام كذلك، أي مما يتقى أو يتساءل به).وقال الزمخشري:( والرفع على أنه مبتدأ خبره محذوف ، كأنه قيل : والأرحام كذلك ، على معنى : والأرحام مما يتقى أو والأرحام مما يُسَاءل به .)انتهى.
هذا وقد تم البحث المتواضع بفضل الله تبارك وتعالى،أسأله جل وعلا أن يجزينا الخير وإياك أيها السائل،وجميع المسلمين.وصل اللهم وسلم على نبيك المصطفى وعلى آله وأصحابه جميعا.
بقلم العبد الفقير إلى عفو ربه الغفور: شيخ عُبيد الله فَالْ الهاتف:773567840
البريد الإلكتروني: bayoubgoorfall@live.fr

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق