الأحد، 9 يناير 2011

نفثة المصدور وصيحة النذير

 الاثنين:27محرم1432هـ\3كانون الثاني 2011م
كنت أدرس في معهد لا أذكره سترا عليه،بعد اتفاق مع مديره على شروط متفق عليها بيننا،على ظن مني بأن غايته القصوى في نشر العلم وخدمته،لكن بعد حين من الدهر انجلى خلاف ما توقعت،وتجلى لي أن أكبر همه في جمع الثروة،وتجاهل عن كل ما تم الإتفاق عليه،بصفة مستغربة،فضضت عن ما جرى إقالة لعثرته،ثم بعد حين أخر ظهر لي منه مثل ما سلف أو أعظم،مما لا يجدي ذكره،بل نسدل عليه ثوب الستار،وكلما يمكن قوله أنه خالف قوله فعله،فكان ذلك فراقا بيني وبينه،ولأتنفس عما في الصدر،كتبت هذه القصيدة على غلاف الدفتر الداخلي الذي كان سجل أسماء الطلاب ودرجاتهم،وهي كما تلي:
نَفْثَةُ المَصدُور وصَيْحَةُ النَّذِير
لَقَــدْ غَرَّنــي كَوني أَخَا ثِـقَـةٍ بِكُـمْ
وقُـــوَّةُ ظَـــني أَنمَّـَا الـــعَــــهْـــدُ وَاثِــقُ
وكَونِي لحُسْنِ الظَّــنِّ أَحْسبُ أنَّــه
تَــودُّونَ نَـشْـرَ العِـلْـمِ إِذْ هُـــوَ لائِـــقُ
ولكِـنْ تَراءَى لي خلاَفُ مَـظَـنَّـتي
فهَاجَــرْتُ إِذْ إِنِّـــي لِــعــــــلْـم لَـوَامِقُ
فعُــجْــتُ لأَلْـقَى ذا ولوعٍ ورَغْـبَــةٍ
ليَعْـلُو لَـــوَاءُ العِــلـــمِ،والعِـــلـمُ فَائِــقُ
وإنِّي لَنَـجْـلُ العِـلـمِ لا أَرْتَـضِي به
بَـديلاً،ولــكــنْ جَـــوُّكُــمْ لا يُــوافِـــقُ
أُناصِحُكُمْ أَنْ ترْفِقُوا بِـطُــلاَبِــكُـمْ
أَرَاهُـمْ رَهَـــائِـــنًا وقَــــوليَ صَـــادِقُ
فإنِّي لأَخْشَى ـ لا لَغاـ أَيَّ خَشْيَةٍ
عَلَى غَدِهِمْ ،بالوَجْدِ قَـلْبيَ خَافِـقُ
ويُعْـــجِــبُــني إِنْـــــسٌ وَفِــيٌّ بِــعَهْدِهِ
يُـرَى فِـــعْلُـه لِلــــقَـولِ دَومًا يُـطَـابِــقُ
فَمَا أَكْـرَمَ الإِنْــسَانَ إِنْ كَان طَـبْعُه
وَفَاءً وصِـدْقاً حَيْثُ يُلْفَى يُصَادِقُ
أَرى نجمَ صِدقٍ والوَفا في زَمَانِـنَا
أَفُــولاً لحــُبِّ الخَـيرِ،والــغَــدْرُ بَـارِقُ
فَـــهَــلْ يَــعْلَمُ الإِنْـسَانُ أَنَّ حُـطَامَهُ
تُــــــراباً يَـــــؤولُ أَوْ ثَــــنَاءً يُــلاصِـقُ
فَـإِنَّ مجَــالَ الـعِـلْــمِ والخــَيرِ واسِــعٌ
ولــكِـنَّــــــه قَـــدْ تَــعْتريـهِ الــعَـــوَائِــقُ
فَيَاحَسْرَتَامَنْ كان(سِيفَا)ودِرْهـَمٌ
مُـــنَاهُ ـ لَـعَــمْـرُ الله ـ هــذا لَـفَاسِـقُ
فَتَعْلِـيمُ أَبـْنَا المــُسـلِـمِــين بِـديــنِـهِـمْ
فَـخَـارٌ وغُنْـمٌ ليْسَ يُحْصيهِ نَاطِــقُ
فَـنَصرَك يَا رَبـِّي وعَونَـكَ نَرْتَـجِـي
فَــلا تُـخْــزِ،واجْـعَلنَا لِــفَـوزٍ نُـرافِــقُ
شيخ عُـبَـيد اللَّه فَـالْ
                                          دار القـدوس  طوبى

السبت، 8 يناير 2011

قال المعهد،والنبأ السار


بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على المصطفى الكريم وآله وصحبه أجمعين.
ثم بعد
لقد وفدت المعهد الإسلامي العالي سنة 2007م\1428هــ بعد النجاح بفضل الله في مقابلة الدخول،ملتحقا بالمرحلة الثانوية،وبعد أيام من الدراسة تراءت لنا الأمور على حقيقتها، من سوء الإدارة الذي كان مجرد الكلف على وجه البدر،فلم نجد للبث بما في النفس من البؤس سوى اللجوء إلى القلم،تنفسا عما ضاق به العامة ذرعا،من غير أن يجدوا فيه مفزعا،فقلنا هذه القصيدة على عفو اللسان ورسل الجنان تحت عنوان:
قال المعهد
صــاحَ السَّـقيمُ عَـنًى في شِــدَّةِ الحَـــال
كـــأَنمَّــَا شُـــجَّ وهْـــوَ المـَــعْــهَــدُ الحـَالي
نادَى بصوتِ الغَريقِ المــُعْترِي عَـــطــباً
مُستـَنْـجِـداً فَـــــرِقاً في قَــفْــرِه الخـَــالي
قالَ وقَدْ قَــــاطَـــــــعَ الهـَـيْـــــجُ لمــَنْطِقِهِ
مُــسـتَــفْــسِرًا بَـالَــــه في عَـصْــره التَّالي
قـــدْ كُــنْــتُ كَـهْلاً نَــضِـــيرًا يَافِـعًا أَنِـقًا
والآنَ هُـــــدِّدْتُ فِـي عُـقْـبَايَ والحَـالِ
قَدْ كنتُ مُرْضِعَ وُلْدِي مِنْ لِبَانِ هدًى
وكُـــنْــتُ مُســقِـــيَـــهُـمْ مِنْ خَــيرِ زُلاَّلِ
إذْ كُــنْــتُ أُعْــلِـمَـهُــمْ دَومًا أُثَــقِّــفُـــهُــمْ
فَــصِـــرْتُ مَــنْبَــعَ عِـــلْــمٍ هَــادئَ البَالِ
أُنَشِّطُ الكُـلَّ تَــنْشيـطاً حَـــصَــدْتُ به
تَخْيِـيـرَ عُـــشَّــــاقِ أَعْـــــلُـــمٍ بِــإِقْـــبَـالِ
آويْــتُ كــلاًّ بحــــوشِي كُــنْتُ مُــغْــريَـهُ
بالعِلْـمِ لا يُــشْــتَــكَى عــنْـــدي لإهمَالِ
لِـكـنَّـــني الـيَــومَ أَغْـــــدُو وَانِــــيًا دَنِــفًــا
إذْ عُدتُ مِنْ رَغَدِي كَالدَّارسِ البَالي
إنِّي أُكَابدُ في كَشْـحِي عــظِـيمَ جَـــوًى
لَـــــو سمْــتَـه جَـــبَـلاً تُــعْــنَى بإسْـــعَالِ
فَكَـيفَ تَــرْجُـو بأُمٍّ حَــارَ مِـــنْ سَغَبٍ
أفْــراخُــــها ذَا ِبهَا أَنــكَــى مِـــنَ اوْبَالِ
يَسُـوءُنِـي أنَّ بَـعْــــضاً لم يجِـــدْ مَــــرَحاً
لمـَـقْــعَـدٍ جَـــيِّـدٍ كــمِــــثْــلِ شِـــيخْ فَالِ
ولاَ رَأَى كُـــتُــــــباً والـــــعَامُ مُــنْــتَصِفٍ
تَــأتِــي الـدُّروسُ وأَحْـــيَـانًا بِـإشْــكالِ
وتَــــارةً يخْـــــــرجُ الأُسْــــتَاذُ ذَا خَــــطإٍ
وطَـــردُ طَـــــالِــبِ عِــلـمٍ شــرُّ أَفْـــعَالِ
دائِــــي مَـــرِيــرٌ غَــــزِيــرٌ شَـاكَ في بَدَنِي
تِــعْدَادُهُ مَــتْــعَـبٌ يُـــفْـــضِــي لأَوْبـــَــالِ
يَـا كَـافِلِـيَّ أَغِــيـثُـــونــِي عَـــــلَى عَـجَـلٍ
فَلتُحْضِـرُوا لي الــدوَا في هَـــذهِ الحَـالِ
الطالب,شيخ عبيد الله فال(بايب غور)
ثم بعد التخرج ـ كما يقال ـ بلغنا نبأ تغيير مدير المعهد،الذي كان أمنية كثير ممن لهم صلة بالمعهد الحنيف،ولم تزل تتوارد علينا أنباء التغييرات الإيجابية المنشودة،بفضل الله ثم بجهد المشرف الجديد أيده الله ووفقه لما فيه الصلاح،كما بلغني ثناء رعيته عليه لحسن سيرته،فحمدت الله على هذه النعمة،قائلا هذه الأبيات التي تحت عنوان:
النَّبَأ السَّارُّ
قَــدْ جَــاءنـي المـَـعْــــــهَـــــــدِ في طَــــرَبِ
فَــــقُـــلْــــتُ لَــيْـتيَ لمَ أَخْـــرُج ولمَ أَغِــبِ
مَا جَـاءنِـي نَــبَـأٌ سَـــارٌّ يَــــــطِــــيــبُ لَنَا
بعدَ التَّوجُّـعِ حِــيـناً كُـــنْـتُ في كُــــرَبِ
كـــنَّا عَــلى أَسَــفٍ مِـــنْ حَـالِــهِ وأَسىً
حَـتَّـى قَـنـطْتُ مِنَ الخَلاَصِ مِنْ رَهَبي
هَــديَّـةُ الــبَـــلَـــــــدِ الحَــــــرَامِ صَافِــــــيَــةٌ
لَكِـنَّمَا شَـيْــنُـها في المـُـشْـرِفِ النَّــهِــبِ
حمـــى الإلَــــهُ بِـــلادَ الـــــوَحْـيِ قِـبْلَــتَـــنَا
وأَهْلَـها مِـنْ خَبِـيثِ الكَــيـدِ والعَطَبِ
فَـــكَــمْ صَــنِــيــعٍ جمِـــيلٍ مِـنْ أَخٍ وَمِــــقٍ
يَشِـيـنُـهُ عَـنْـــدَ إِهْـــداءٍ أخُــو اللَّــعِـبِ
كأنمَّــَا مَـــعْــهَـــــدُ الإِسْـــــلامِ محـــتَـــضِــرٌ
في سَـالِـفِ الدَّهرِ دُونَ العِلْمِ بِالسَّبَبِ
فَــلا تَـــرَى طَـالِــبًا أَوْ عَــــــامِـــــلاً أَبَــداً
إلاَّ ويَشْكُو شَــكَـاةَ اليَأْسِ مِــنْ تَــعَـبِ
صَـــرْحٌ ونَـــبْعُ هُـدًى مَـا خَابَ قَاصِـدُهُ
تَــفُـــورُ قِـــرْبَــتُـــهُ مِـنْ نَــبْــعِــهِ اللَّـــجِبِ
إِذْ جَاءنِــي بَـعْـدَ طُـولِ الـعَـهْدِ سِيرِتُكُمْ
في البُعْدِ قُــلْـتُ لهـذَا غَـايَـــةُ الـطَّـــرَبِ
بِعَهْـدِكُـــمْ قَــدْ تَـــعَافَى مَــعْــهَـدِي وسمَا
فَــالحَـــمْــدِ للهِ مُــنْــجِــيــنَا مِـنَ الكُرَبِ
فَـسِــرْ عَـلى الدَّرْبِ هَذَا وَاسْتَـقِمْ أَبَداً
ولتخْشَ ربَّـكَ فِيمَا كُـنْتَ وَاحْتَـسِـبِ
فَاحكُمْ بحَـقٍّ ولاتُـشْطِطْ وحَاذِرْ هَوًى
وَاذْكُــرْ وُقُــوفَــكَ عِـنْـدَ اللهِ وَارْتَــقِـبِ
وَاذْكُــرْ حَـدِيثَ رَسُولِ اللهِ:{كُـلُّـكُـــم
رَاعٍ}سَـيُــسْـأَلُ يَـا لهـَــولَ مُـــغْـتَصِبِ
إِنِّــي َلأَحمَــدُ مَـا أَعْــــرِفُ مِـــنْــكَ ومَــا
كُـــنْــتُ لِــغَـيْـبِ حَـفِــيظًا أَيـُّها العَربِـي
لَـــكِــنْ تَـوَسمْــتُ فِــيكَ الخـَـيرَ مُـغْتَـبِـطًا
بمَا تُـدِيــــرُ بِــــهِ مِــنْ مَــنْـهَــجِ النُّــجُــبِ
وُفِّـــقْــــتَ للـخَـــيرِ وَالسَّــــدَادِ في أَبَــــدٍ
حَــتَّـى يَــعُـودَ أَصِــيــلُ المجْـدِ لِلـنُّـخَـبِ
فَامْضِ ولا تخشَ أَوْ تحزَنْ سيـنْـصُـرُكُـمْ
ربِّي فَــلا زِلْــتَ مَــنْـصُـوراً فَــلا تهَـبِ
وَاحْفَظْ لِـنَفسِكَ حُـسْنَ الـذِّكرِ مُغْتَـنِماً
فَـإِنَّــهُ الــعُــمْــرُ وَهْــوَ أَحْــسَــنُ اللَّــقَبِ
أحْــســنْ إلى النَّـاسِ تَـستَـمْـلِـكْ قُلُوبهُـمُ
وَلتَعْفُ فَالعَفْوُ أَفْرَى مِنْ شَبَا القُضُبِ
أَوْلاكُــمُ اللهُ نَــــصْــــراً وَالـنَّــــــجَــاحَ مَعاً
وَكُـــلَّ خَـــــيرٍ فَــلا يَــــزالُ يَـــنْــسَــكِبُ
هَذي القَـصِــيــدةُ مُـــهْـــدَاةٌ إِلَــيـْكَ بِـــلا
غِـــشٍّ ولا مَــلَـــقٍ مِـــنَ الفَــــتَى الأَرِبِ
إنْ قَالَ شِعراً تَـغَنَّى الدَّهْـرُ مِـنْ عَجَبٍ
وتُـنْـشِـدُ الطَّـيرُ في الغَــــنَّاءِ مِـنْ طَـرَبِ
مِنْ أَرْضِ جُرْبِـلَ أَرْضِ المجـدِ مَـنْـسِـــبُه
بأَرضِ طُـــوبَـــى الَّتي لِلعِـلْـمِ تـنْـتَـسِــبِ
فَــصَــلِّ ربِّـــي عَــــلَـى محــمَّــــد وعَــلَـى
اْلأَصْـحَـابِ والآلِ أُولي أَعْـظُـمِ الرُّتَبِ
                         الطَّالِـبُ المـُتخـرج:شـيخ عُـبَـيْـدُ الله فَـالْ الطُّـوبَـاوِي

السبت، 1 يناير 2011

الأخوة في الإسلام


الحمد له رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين وآله وأصحابه الغر الميامين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
ثم بعد
فهذا بحث متواضع تحت عنوان:الأخوة ومقوماتها ولوازمها،بطلب من أخينا خادم عمار.نسأل الله المنان الرشد والتوفيق فيما نقصد فهو ولي ذلك والقادر عليه وهو نعم المولى ونعم النصير.
وبفضل الله تعالى يدور موضوعنا حول النقاط التالية:1_مفهوم الأخوة في الإسلام.  2_مقومات الأخوة.3_واجب الفرد نحو الأخوة.4_الختام.
1_مفهوم الأخوة في الإسلام:يقول تعالى في الكتاب العزيز:{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}أي ليحصل التعارف،كل يرجع إلى قبيلته.الأخوة صلة جعلها الله تعالى بين البشر ليحصل بها التناصر والتعاون والتآلف،ويقوى بها العضد والأزر،فلولاها لكنا كالبهائم التي بعضها يعدو على البعض .....فإن الله جعل الأخوة نعمة من نعمه الجليلة،ثم استرعى عباده إياها،وأنزلها منزلة سامية في شريعتنا الإسلامية.فقال جل من قائل:{ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا}وجاء في الترمذي: عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ("تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم؛ فإن صلة الرحم محبة في الأهل، مثراة في المال، منسأة في الأثر)،وبالجملة فمفهوم الأخوة باختصار شديد هو أخوة الدين وأخوة في النسب،وإّذا اجتمعتا كانتا أولى بالرعاية والتعهد،في ذلك يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: "الصدقة على المساكين صدقة، وعلى ذوي الرحم ثنتان: صدقة وصلة"[1].
2_مقومات الأخوة:إن الله سبحانه وتعالى لما جعل الأخوة بين عباده جعل لها مقومات،ونذكر منها على أشد الإيجاز:1ـ مد يد العون إلى ذوي القربى،فالمساعدة لها أثرها الفعال في توطيد عرى الأخوة وترسيخ جذورها،فكم نرى في القرآن الحكيم جملة من الآيات تدعو إلى هذه الخصلة الحميدة الأكيدة بل اللازمة،ومنها قوله تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (36)[2].قال ابن كثير: <ثم عطف على الإحسان إلى الوالدين الإحسان إلى القرابات من الرجال والنساء>.وفي المسند عن أبي ذر:أمرني خليلي بسبع،وذكر منها:"وأمرني أن أصل الرحم وإن أدبرت"[3].وقد اشتد الوعيد في من يتهاون ويقطع رحمه،جاء في الحديث: "ما من ذنب أجدر أن يعجل الله عقوبته في الدنيا، مع ما يَدخر الله لصاحبه في الآخرة، من البغي وقطيعة الرحم"[4].وقال تعالى:{ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90)[5]} وقوله: { وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى } أي: يأمر بصلة الأرحام، كما قال: { وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا } [الإسراء : 26] [6].عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "توضع الرحم يوم القيامة لها حُجْنَة كحجنة المغزل، تتكلم بلسان طُلَق ذُلَق، فتصل من وصلها وتقطع من قطعها"[7].2_الصبر على الهفوات الصادرة عنهم،فإن الصبر على هفوات الصاحب مما يعين على صفاء المودة،فإنه لا تقوى العلاقة بين الإخوة مهما تبادلوا المساعدة والعون إذا لم يتمثل فيهم احتمال الأذى والصبر.بل ويحس مقابلة السيئة بالحسنة،فتلك خصلة محمودة أرشد إليها الكتاب الحكيم:{ولا تَستوي الحَسَنةُ ولا السَّيِّئةُ ادْفعْ بالَّتي هي أحْسنُ فَإذا الَّذي بينَك وبيْنه عَدَاوَةٌ كأنـَّه وليٌّ حمَيمٌ}[8] 3_الشورى في الملمات في كل يطرأ من القضايا الأسرية،فإن ذلك له أثر بليغ في توحيد صف الإخوة،فإذا كان المولى جل وعلا يرشد نبيه المعصوم إلى هذه الخصلة فغيره أولى،قال عز وجل:{ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ[9]}.5_التزاور بين أفراد الإخوة،فهو مما خص الإسلام عليه.
3_واجب الفرد نحو الأخوة:أما واجب الفرد نحو الأخوة بكل اختصار هو السعي في ما يقوي العلاقة بين الإخوان،فيساعد من دونه،وأن لا يطمع فيما في  يد الغير،ومناصحتهم،وأن لا يغشهم أبدا.
4_الختام:وفي الختام أيها الإخوة الكرام نذكركم بأن الأخوة،نعمة أنعم الله بها على عباده،وأوجب عليهم رعايتها،وسيسألهم عنها يوم الحساب.وقد ذم تعالى الذين يقطعون الرحم فقال:{ لَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (27)[10]} قال أبو جعفر: والذي رَغب اللهُ في وَصْله وذمّ على قطعه في هذه الآية: الرحم[11].وقال تعالى:{ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (23)}[12] وقال ابن كثير في تفسيرها:{ وهذا نهي عن الإفساد في الأرض عموما، وعن قطع الأرحام خصوصا، بل قد أمر [الله]تعالى بالإصلاح في الأرض وصلة الأرحام، وهو الإحسان إلى الأقارب في المقال والأفعال وبذل الأموال. وقد وردت الأحاديث الصحاح والحسان بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، من طرق عديدة، ووجوه كثيرة.}.
ومن هنا أيها نتوقف خوف الإطالة المملة،نشكرهم ونعتذركم،ونسأل الله لنا ولكم الخير والتوفيق.والسلام عليكم ورحمة الله......              شَيخ عُبَيد اللهِ فَالْ


[1] _الحديث ذكره ابن كثير في تفسيره ولم يسنده،وقد جاء في مسند الإمام أحمد بهذا اللفظ: "الصَّدَقَةُ عَلَى المِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وعَلَى ذِي الرَّحِم صَدَقَةٌ وصِلَةٌ".
[2] _النساء
[3] _المسند (5/159).
[4]_  رواه أبو داود في السنن برقم (4902) والترمذي في السنن برقم (2511) وابن ماجه في السنن برقم (4211) من حديث أبي بكرة رضي الله عنه، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح".
[5] _النحل.
[6] _تفسير ابن كثير.
[7] _المسند (2/189) قال الهيثمي في المجمع (8/150): "رجال أحمد رجال الصحيح غير أبي ثمامة الثقفي، وثقه ابن حبان".

[8] _فصلت الآية 34
[9] _آل عمران الآية159.
[10] -البقرة.
[11] _الطبري.
[12] _سورة محمد