الجمعة، 25 يوليو 2014

نفثة المشتاق


الاثنين 17 آذار 2014م\ 15 جمادى الأولى 1435هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الشوق بالمرء كالألم المبرح، الذي لا يملك صاحبه الجلد من شدة المعاناة، وقد قالوا قديما "لا بد للمصدور أن ينفث"، وقد كنت من طول الغياب عن بلد الأحباب طوبا المحروسة شديد الشوق والحنين، وأنا بأرض فوتا، وإذ ساقني القدر محظوظا بفضل الله لبلدي الحبيب، هيج القلب فرط الشوق، فلم أتمالك إلى أن قلت عن شعور صادق وحس دافق القصيدة هذه، والتي أسميتها:
نفثة المشتاق
طَابَ الْفُؤَادُ لَمَا قَدْ حَلَّ فِي طُوبَا
 
وَالْمُسْتَطَابُ لِطُوبَا صَارَ مَنْسُوبَا
  
طَيِّبْ إِلاَهِيَ عَيْشِي وَلْتُدِمْ فَرَحِي
 
وَاجْنُبْنِيَ الْبَغْيَ فِيهَا وَاكْفِنِي حُوبَا
  
مَا حَنَّ قَلْبِي لِغَيْرِ الْأَكْرَمَيْنِ سِوَى
 
لَهَا وَمَا خِفْتُ فِي ذَا الْعِشْقِ تَثْرِيبَا
  
إِنْ حَنَّ فِي الشِّعْرِ لِلْأَوْطَانِ ذُو شَغَفٍ
 
فَإِنَّ قَلْبِي لَمُشْتَاقٌ إِلَى طُوبَا
  
مَا بَالُ مَنْ ظَلَّ يَبْكِي الدَّهْرَ مُنْجَذِبًا
 
مُعَذَّبًا قَلْبُهُ لِلشَّوْقِ تَعْذِيبَا
  
وَهَلْ لِدَائِي دَوَاءٌ وَالدَّوَا عَدُوٌ
 
لِلدَّاءِ إِنْ كَانَ دَائِي صَارَ مَحْبُوبَا
  
دَائِي الدَّوَاءُ وَهَذَا الْأَمْرُ مُنْقَلِبٌ
 
هَلْ مِنْ مُصَابٍ مَثِيلِي خَالَ تَقْلِيبَا
  
مَا خِلْتُ مَنْ كَانَ يَبْكِي لِلْبِلاَدِ سِوَى
 
مُخَلِّدِي وَمُضَاهِي فِيهِ أُسْلُوبَا
  
شَوْقِي الْأَصِيلُ وَشَوْقُ الْغَيْرِ نُسْخَتُهُ
 
لاَ تُلْقِ بَالاً لِذِي التَّكْذِيبِ تَكْذِيبَا
  
طَابَ الْمَقَامُ بِطُوبَا وَالْمُقَامُ بِهَا
 
لاَ لَغْوَ فِيهَا وَلاَ تَأْثِيمَ تَقْرِيبَا
  
فِي ذَاتِ طُوبَا وَفِي أَقْوَامِهَا كَرَمٌ
 
يُرَحِّبُونَ بِكُلِّ الضَّيفِ تَرْحِيبَا
  
يَسْتَنْشِقُ الْخَيْرَ فِي أَرْجَائِهاَ أَرِبٌ
 
وَيُخْنَقُ الْغِرُّ فِي الْأَنْحَاءِ تَأْدِيبَا
  
مَا خَافَ قَاصِدُهَا إِثْماً وَلاَ جَنَفًا
 
وَلاَ يُلاَقِي بَتَاتًا سَيِّئًا عِيبَا
  
أَرْجَاؤُهَا ذَاتُ رَحْبٍ فِي شَوَارِعِهَا
 
وَاللَّيْلُ يُورِثُهَا الْجَمَالَ تَعْصِيبَا
  
فِيهَا الْمَسَاجِدُ كَالأَبْيَاتِ كَثْرَتُهَا
 
مُرَكَبَّاتٍ منَ التَّزْيِينِ تَرْكِيبَا
  
مُعَمَّرَاتٍ بِطَاعَاتٍ لِخَالِقِنَا
 
تُسَكِّبُ الْعِلْمَ فِي الْأَذْهَانِ تَسْكِيبَا
  
مَنَابِعُ الْعِلْمِ فِيهَا لَيْسَ يَحْصُرُهَا
 
إِلاَّ الْمُهَيْمِنُ مُسْدِي الْفَضْلِ مَسْكُوبَا
  
عَهِدْتُ مِنْهَا مَنَارَ الْعِلْمِ سَاقِيَهُ
 
مَنْ شَفَّهُ الْجَهْلُ حَتَّى صَارَ مَوْهُوبَا
  
وَذَاكَ مَعْهَدُ نَجْلِ الْمُصْطَفَى حَسَبًا
 
كَالْأَرْضِ خَصَّبَهَا الرَّحْمَنُ تَخْصِيبَا
  
هَدَى وَثَقَّفَ أَفْوَاجًا وَأَيْقَظَهَا
 
وَهَذَّبَ الْكُلَّ تَثْقِيفًا وَتَهْذِيبَا
  
كَمْ جَاءَهُ مِنْ أَخِي جَهْلٍ وَذِي دَنَفٍ
 
فَانْحَسَرَ الدَّاءُ مَقْلُوعًا وَمَسْلُوبَا
  
أَذَاقَنِي مِنْ مَذَاقِ الْعِلْمِ أَشْوَقَهُ
 
حَتَّى أُمَيِّزَ مَجْرُورًا وَمَنْصُوبَا
  
مَا جُرْتُ إِنْ قُلْتُ لَوْلاَ اللهُ مَالِكُنَا
 
ثُمَّتَ لَوْلاَهُ دَوْمًا كُنْتُ مَنْكُوبَا
  
يَا رَبِّ فَاجْزِ عَنِ الْإِسْلَامِ خَيْرَ جَزَا
 
أَحْمَدَ مبَكِّ الَّذِي أَهْدَى لَنَا طِيبَا
  
مَنَابِعَ الْعِلْمِ تَبْقَى غَيْرَ غَائِضَةٍ
 
وَلاَ تُخَيِّبُ ظَنَّ الظَّانِّ تَخْيِيبَا
  
كَمْ خَاضَ فِي لُجَجِ الْأَصْعَابِ مُقْتَحِمًا
 
فَفَاقَ أَقْرَانَهُ حَظًّا وَتَرْتِيبَا
  
لَوْ جَادَ عَقْلِيَ لِلْفُؤَادِ خُضْتُ إِلَى
 
أَنْ قِيلَ يَكْفِيكَ إِطْرَاءً وَتَرْغِيبَا
  
سَقَى الَإِلَهُ ضَرِيحًا ضَمَّ أَعْظُمَهُ
 
وَحَقَّقَ اللهُ مَا يَهْوَاهُ فِي طُوبَا
  
أبو محمد: شيخ عبيد الله فال لطف به مولاه